عندما رأيت جواد لم ادر ما افعل حقا، و هل سيذكرني بالأساس ؛ لقد مرت قرابة السبع سنوات ، لعلها ثمانية و لقد رأيته مره واحدة و لم نتحدث حتى في تلك المرة الا اذا اعتبرت ان للعيون لغة، و لكن ماذا يفعل جواد في النادي انا لم اره هنا من قبل و هذا ما عرفته بعد ذلك، و في حين انهماكي انا لبضع دقائق كان ابي يتحدث مع مدربي كما هي العادة و كان جواد و مصطفى يقفان مع المدرب حين سمعت مصطفى يقول لأبي " لا ياسيدي انه لا يلعب كرة السلة لقد جاء كمتفرج فجواد العبقري يكتفي بمشاهدة تلك الرياضات فرياضته من نوع مختلف، فهو يفهم في كرة السلة تماما كما افهم انا في الميكانيكا" و انطلق مصطفى يضحك؛مصطفى هو كابتن فريق النادي لكرة السلة و قد جاء الى مدربي ليتناقش معه في خطة الفريق للمبارة القادمة هذا ما بدا لي ، و لكن مصطفى يعرف جواد و هما صديقين على ما يبدو و لكني كنت ارى مصطفى كثيرا و لم ار جوادا من قبل هنا.
"اذا انت في كلية الهندسة و لن اكون متحاذقا اذا قلت لك انك في قسم الميكانيكا " قالها ابي بلهجة مرحة، فأجابة جواد " نعم يا سيدي لقد انهيت السنة الثانية لتوي" و كانت تلك اول مرة اسمع فيها صوت جواد كنت واقفة كمن يسترق السمع فلم يرنِ جواد و كانت تدور في عقلي افكارٌ كثيرة و لكن فكرة واحدة كانت طاغية و هي ماذا اذا رآني جواد و لم يعرفني او يذكرني و حتى اذا ذكرني انى لي ان اعرف ذلك و في تلك اللحظة، دخلت باقي المتدربات زميلاتي و احدثن ضجة و هن يسلمن علي تنبه لها ابي و مصطفى و جواد و ذلك حينما نظرت و رأيت عينا جواد تنطق بالدهشة، و لكنة سرعان ما عاد للحديث مع ابي و تجاهلني تماما و لم ادر حينها أرآني جواد و عرفني حقا ام ماذا .
انقضت ساعة التدريب و أقلني ابي الى البيت قال ابي بطريقة مرحة" ما بالك صامته على غير العادة لا اسكت الله لك صوتا يا فتاه"
اخبرته انني بخير ولكن اليوم الاول للتدريب دوما يكون متعبا و لم يكن هذا ما يسكتني بطبيعة الحال و علمت ان ابي عرف هذا و لكنه تابع الحديث " ذلك الفتى مصطفى انا احبة حقا انه فتىً جيد و هو مرح حقا ، و لكن صديقه جواد هذا ، اتعرفينه؟؟!"انطلقت كلمة لا مني بطريقة انفعالية لم يفسرها ابي فسكت قليلا ثم قال لي "حسنا كنت اقول انه من اصحاب مصطفى المقربين فلعلك رأيته من قبل" سكتنا قليلا ثم قلت له " اذا ما رأيك في هذا صديق مصطفى جواد قلت اسمه ؟" "بلى اسمة جواد اليس اسما جميلا، و لكني لم احدثه طويلا فلم تتسني لي قرائته جيدا و لكنه يبدو كتوما و هادئا نعم فتلك صفات العباقرة كما قال مصطفى" ،و انطلق ابي يتحدث عن مصطفى و تعليقاته الساخرة التي يطلقها دائما كان ابي يحب مصطفى فهو يذكرة بنفسه ايام الشباب كما كان يقول لي كثيرا.
و عندما عدت ليلتها لم ادر ما شعوري حقا و لكنني الآن اعلم ما كنت اريد، كنت اريد ان اراه ثانية و ادعه يراني كنت اريد ان احاول قرائته لعلي استطيع كما يفعل ابي و قد اعرف ايذكرني ام لا فتلك الدهشة التي رأيتها في عينية لم اجد لها تفسيرا فجزءٌ مني قال انه رآني و عرفني و لكنه ارتبك مثلي و جزءٌ اخر اكد لي انه لم يرني بالاساس بل كان ينظر تجاه الصوت كرد فعل طبيعي .
على كل حال فقد ذهبت في اليوم التالي الى النادي و لم يكن يوم تدريبي و لم ار جواد و ذهبت في اليوم الذي يليله و الذي يليله و الذي يليله و كنت دوما ارى مصطفى فقط حتى انني ذهبت لمباراة الفريق لعل جواد يأتي ليشاهد مصطفى و لكنني لم أره .
كذلك بدأت اقنع نفسي انني حقا لن اراه ثانية و لأنسى امره و تسألت لماذا انشغل بأمره بالأساس انا لاأعرف اسمه الثنائي حتى بل انا لا اعرفه على الاطلاق ، اعني قد يكون شخص سئ او فاشل... حسنا مستبعد ان يكون فاشل فهو في كلية الهندسه و مصطفى يقول انه عبقري و لكن هذا لا ينفي انه قد يكون سئ و لكن ابي قال انه هادئ... حسنا كذلك قررت ، لن اخوض في هذا انا لن اراه مره اخرى و حتى ان رأيته فهو شخص غريب كلية عني انا لا اعرفه لو رأيته فانا ارى كل يوم عشرات الغرباء في الطريق و هو ليس بمميز عنهم فلقد امضيت هذا الصيف بانتظار لقائه مره اخرى و في نهاية الصيف كنت قد حزمت امري و قررت ان انساه تماما.
و بدأ عامي الدراسي المرحلة الاولى من الثانوية العامة و انقضت تلك الفترة فترة الثانوية و لم تطرأ اشياء كثيرة على حياتي فقط تزوجت اختي و انجبت و مرض ابي عدة مرات و اصبح على ما يرام و لكنه لم يعد مثل الماضي فلم يعد يذهب معي الي التدريب الذي تركته اساسا بعد عامي الاول من الثانوية و لقد دخلت الجامعة، نعم دخلت كلية الهندسة و لا تقل لي الان انني كنت انتوي هذا فلقد كنت اريد الفنون الجميلة و لكن كدأب الاسر المصرية استكثرت امي مجموعي و قالت لي ان الهندسة بها رسم كذلك ، ثم ان مصر بها اكثر من كلية هندسة فاحتمال وجود جواد بالجامعة التي انا بها احتمال ضئيل و لكن لماذا نتحدث عن جواد اساسا الم اقل انني نسيته .
مر الفصل الدراسي الاول و لم ار جواد و نصف الفصل الثاني و لم اره كذلك مما جعلني اصدق انه ليس هنا و في احد الايام كنت استقل الحافلة كعادتي الى الجامعة و الفت شخصا يجلس امامي و لم انظر، لم ادر حينها اخشية ان يكون هو جواد ام خشية الا يكون جواد و وصلت الى الكلية و حضرت محاضراتين و كانت تتبقى لي محاضره اخرى و بين المحاضرات و انا مع صديقاتي كما هي العادة سمعت من يقول " يا آنسة ، يآنسة "
ذلك الصوت ؟..............
يتبع
No comments:
Post a Comment