Thursday, June 7, 2012

4


عندما قدمني مشرف المشروع الى جواد كان قد مضى على آخر لقاء بيننا قرابة السبع سنوات، كان قد تغير قليلا، اصبحت لديه تلك اللحية المشذبة بعناية و اصبح يضع هذه العوينات المستطيلة التي تتناسب مع وجهة بشكل فائق، بدت ملامحه اكثر نضوجا، لكن عينيه لم تتغير لا يزال بها هذا البريق و كأنها تشع الضوء و لا تعكسه. في تلك اللحظه عرفت ان كل تلك اللقاءات لم تكن محض صدف، و لكنها يد القدر هي التي تجمعنا سويا في كل مرة ايقن أنني لن ارى جواد مره أخرى، في تلك اللحظة تذكرت بيت لقيس بن الملوح مجنون ليلى عندما قال "و قد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا" و قد اصاب قيسٌ هنا.و عندما نظرت الى جواد و تلاقت الأعين شعرت ان كل تلك الأعوام منذ لقاء الباخرة ثمانية عشر عاما لم يفارق احدنا الآخر فتلك الألفة التي شعرت بها و الهدوء الذي رأيته في عينيه جعلوني اشك انه لا يعرف بعضنا الآخر حقا.حياني جواد و قال بأنه يسعده ان يعمل معي في المشروع، عندما قال لنا مشرف المشروع " يجب ان تذهبوا الي منازلكم الآن فمن الغد يبدأ العمل الفعلي، اريدكما ان تبذلا قصارى جهودكما في التنفيذ لأن صاحب المشروع يريد الإنتهاء منه بأسرع ما يكون.بعد ان شكرنا المشرف اتجه كلانا في الإتجاه المعاكس للآخر، استقليت سيارتي و ذهبت عائدة الى المنزل.

عندما وصلت الى المنزل كان أبي في سريره كما هي العادة مؤخرا، دخلت عليه كعادتي لأطمئن عليه و يطمئن علي و عندما رأى وجهي تهلل وجه ابي المرهق و قال " صغيرتي الحبيبة أرى في وجهك الحبور، لقد مر الكثير على آخر مره اراك هكذا فما الجديد"، قلت مدارية ارتباكي " المشروع يا أبي، فرصتي الكبرى التي أخبرتك عنها يراودني شعور متفائل حوله و احس انه سوف يكون بادئة خير علي" نظر الي أبي تلك النظرة التي اعرفها جيدا و كأنه يقول ليس هذا كل شئ انا أعرف وأنت تعرفين، و لكنه قال وفقك الله يا صغيرتي، و فتح لك ابواب السعادة" دخلت امي الغرفة على كلمة صغيرتي فقالت متصنعة العتاب " اصبحت هي صغيرتك و فات زماننا" ضحكت و ضحك أبي و قال لها " لا يفوت زمانك أبدا يا حلوتي فأنتي صغيرتي أنا فقط ابد الدهر" خرجت من الحجرة تاركة امي و قد استقر رأسها على صدر أبي الذي أحاطها بذراعه شاعرة ببهجة حقيقية وكانت السعادة تملأ قلبي و موجات الصفاء تغمر روحي و بعد ان بدلت ثيابي و إنتهيت من جميع الطقوس اليومية قبل النوم بما فيها مكالمتي لأختي لأطمئن عليها و لتطمئن علينا، ذهبت الى سريري سارحة في الغد فمنذ الغد سوف أرى جواد كل يوم و صادفت في الراديو و أنا اقلب في المحطات كعادتي قبل النوم أغنية ام كلثوم أغدا القاك يا خوف فؤادي من غدِ و نمت و ام كلثوم تشدو

 يالشوقي واحتراقي في إنتظار الموعد...
آه كم أخشى غدي هذا وأرجوه اقترابا...
كنت أستدنيه لكن هبته لما أهابا...
 وأهلت فرحة القرب به حين استجابا...
 هكذا أحتمل العمر نعيماً وعذابا...
 مهجة حرة وقلباً مسه الشوق فذابا...
 أغداً ألقاك.......

استيقذت صباحا نشطه و مقبله أكثر من أي يوم آخر حتى ان أمي لاحظت و رمقتني بنظرة فرح لا تصدر منها كثيرا فكانت آخر مرة رأيت فيها تلك النظرة في فرح لمياء أختي و قبل ان اتعرض لإستجواب ذهبت الى موقع المصنع.

عندما وصلت الى الموقع رأيت جوادا و كأنه ينتظرني أخذت نفسا عميقا و ترجلت من السياره و سرت بإتجاهه، نظر الي و بادر بإلقاء التحية و بعد ان ردتت علية قال " انا سعيد بالعمل معك لقد سمعت ان عملك ممتاز و لهذا السبب وصلتي لمشروع كهذا في فترة قصيرة" هززت رأسي بخجل و قلت " انا اسعد لقد سمعت عنك ايضا فأسمك مدوي في مجالنا" ابتسم و شكرني بدوره و سكت قليلا ثم اضاف "انا اذكرك ، لقد تقابلنا" سكت بره اخرى ثم اكمل " في الجامعه عندما نسيتي كتابك في الحافلة" كنت انتوي بيني و بين نفسي انه اذا اثار هذا الموضوع اني سوف اتصنع النسيان و لكني وجدت نفسي اقول " و انا ايضا اذكرك " و عندما ادركت تسرعي اضفت " فلقد كان هذا الكتاب مهما جدا و لقد اكتشفت فقدانه بمجرد وصولي الى الكلية " قلت ذلك على الرغم من انني لم ادرك انني فقدت الكتاب الا وقت جائني جواد به، ابتسم جواد و رأيت في وجهه تلك الابتسامة التي ابتسمها لي عندما اراد ان يكون انور وجدي، تلك التي تنبع من القلب، لطالما اخبرني ابي ان الباغلين غالبا ما يتصنعون الضحك فيضحكون بشفاهم فقط و لكن الضحكات الحقيقية هي التي تظهر في العيون مثل ضحكات الاطفال، و لقد ظهرت ابتسامة جواد في عينيه التان ضاقتا و هو يضحك مبرزتان الخطوط على جانبي عينيه.
 لم يأخذ هذا الحديث سوى بضع دقائق، و بدأ العمال يتوافدون و حضر التقنيين و المنفذين من مختلف اقسام المشروع و بدأنا العمل.كان العمل في هذا المشروع مرهق حقا كان جواد صارما في عمله محددا لإختياراته و احتياجات المشروع حازما في التنفيذ،و لكنه كان مع ذلك غير حاد الطباع يتصف بالذوق و اللين و كان العمال و باقي فريق الميكانيكا يحبونه و يجلونه. كنت اعمل في المشروع بكل طاقتي لأكثر من سبب كان احد تلك الاسباب جواد و كان ما يمثله لي المشروع من فرصة عظيمه اهمها.بعد اربعة اشهر و نصف الشهر كنت في الموقع و قبل الاستراحة بقليل جائني جواد يقول " اعرف ان الاستراحة بعد ثلث ساعه و لكن أاستطيع ان اطلب منك شيئا" تسائلت ما هو فأجاب " اريد ان تحضري لي بعض الرسومات من القسم المعماري اعرف ان احد زميلاتك هناك انا اريد فقط ان اراجع شيئا و اخاف اذا طلبته بشكل رسمي ان يسبب هذا حرج للقسم المعماري" وافقت و أخبرته اني سأفعل فشكرني و انصرف.
و في الإستراحة ذهبت الى مكتب الفرع المعماري ، تعرفون بالطبع ان الفرع المعماري من الافرع التي تتلقى حسدا مضاعفا من باقي الافرع حيث ان المعماريين يجلسون وراء مكاتبهم و مبردات الهواء في رفهم ، اما نحن المدنيون نكون في أرض المعركة ، على أية حال عندما ذهبت طرقت الباب ثلاث مرات و سمعت صوت صديقتي من الداخل يأذن لي و ريثما دخلت أنبهرت بما رأيت.
كان هذا اليوم هو الثامن و العشرون من سبتمبر كان يوم عيد ميلادي و في تلك الغرفة كان الاحتفال لم أدر ما افعل في تلك اللحظة حقا و لكني كنت في قمة السعادة رأسيت معظم العاملين في المشروع، و مشرف المشروع ،و رأيت جواد، كان في اخر الغرفة ينظر الي و كأنه يريد ان يقول شيئا ، و لقد جاء كذلك صاحب المشروع بنفسه و حدثني و شكرنا جميعا على الجهد المبذول في المشروع و عبر عن متنانه لنا. و في خلال الحلفة الصغيرة جائني جواد و هو يحمل طبق حلواه بينما كنت انا اقدم مشروبا غازيا لأحد العمال فتبسم جواد قائلا " حفلتك و انت التي تقدمين المشروبات" فرددت " لأنها حفلتي لابد ان اقدم انا المشروبات"، اكملت بلهجة استنكارية مصطنعه و انا اشير لملابسي " أمعقول ان يكون عيد ميلادي الخامس و العشرون و احتفل به و انا في الموقع فكرة من كانت هذه؟؟ علياء ؟"
رد جواد كأنما لم يسمعني " انا اذكر ؛ اذكر الباخرة و قلبي دليلي ، و اذكر الملعب و تمرين كرة السلة ، و أريد ان أقابل أباكِ حتتي تتسنى له قرائتي ، ما رأيك"في تلك اللحظة احسست ان العالم توقف من حولي كاد قلبي يتوقف من سرعة الخفقان  لم أعد اسمع الضجيج من حولي نظرت اليه و بصوت خافت قالت اتذكر كل ذلك هزز رأسه و قال و لم انسى يوما و في هذة اللحظه دوى هاتفي الخليوي كانت امي تتصل عندما ردتت لم اسمع شيئا واضح و لكني  فقط سمعت " أباك في المستشفى الطبيب يقول ان الحالة خطيرة"هرولت تاركةً الغرفة و جواد من ورائي يناديني.

....... يتبع

2 comments:

  1. That was really awesome! And getting jealous of the 'madaneedn', really? Hahaha! The while engineering thing is doubling the joy, you know that?! And what a man Gwad is!! Why we don't find men like this? It was a perfect scene, that last one when he asked her to meet her dad so he can read him... and the evil you! In such day? Really? awesome chapter ... going for the next >>>

    ReplyDelete
  2. nope its getting Jealous of "me3mareen" :D lol they sit in their offices , but u know better :) :)
    and yeah :D im evil LOL i didn't realize that im that evil till u and Asya showed up :DDDD

    ReplyDelete