Thursday, June 7, 2012

3

عندما نزلت من الحافلة كنت اشعر ان شيئا ينقصني ذلك الشعور الذي ينتاب المرء حينما يكون حاملا اشياء كثيرة فيشعر ان شيئا ما مفقود و لكني كنت متأخرة بالفعل عن المحاضرة فنزلت من الحافلة و اتجهت الى الكلية مسرعه ، و بعد ان حضرت المحاضرتين ، بين المحاضرات و انا مع صديقاتي سمعت ذلك الصوت و شعرت ان بين النداء و استجابتي اعوام بل عقود ، نظرت و اذا بها تلك العينان اللاتي اعرفهن جيدا بنيتان كانتا و في ضوء الشمس كانتا كأنهن تشعان ، كانتا عينا جواد نعم جواد ، لم تدم نظراتنا لبعضنا البعض طويلا فلقد خفضنا نظراتنا سريعا ، كان يحدثني و هو ينظر الى الأرض " لقد نسيتي هذا الكتاب في الحافلة و لقد سمحت لنفسي ان افتحه لأرى الاسم عندما تعرفت الكتاب فأنا طالب في قسم الميكانيكا و لكني في ..." و جدت نفسي برغمي اقول "في السنة الأخيرة" و حينها ادركت زلتي و اجفلت فنظر الي جواد نفس النظرة التي لم افسرها من 3 سنوات تلك الدهشة التي لا اعرف ان كانت تعبر عن استغرابه ام تعبر عن معرفته لي.
سكت جواد بضع لحظات بعد ان خفض نظره مره اخر و قال لي و هو يعطيني الكتاب " اذا هذا هو كتابك ،لقد سألت عنكِ و قيل لي اني سأجدك هنا بين المحاضرات، تفضلي" و لم ادرِ ما افعل و لكني فقط قلت له بصوت اقرب الى الهمس " اشكرك" و عندما استدرت الى صديقاتي مره اخرى قالت مروة " يا ربي أهذا هو جواد انه هو اليس كذلك " نظرت لها بدهشة فأنا لم احكِ لأحد عن جواد من قبل ، اكملت مروة " انه في السنة الاخيرة في قسم الميكانيكا الا تعرفيه ان الجميع يتحدث عنه و عن ذكاؤه تعلمين  اني اريد التخصص ميكانيكا فسألت عن القسم و اول ما قيل لي ان ذلك القسم ليس سهلا الا على جواد الراعي" تنهدتُ و قلت لها جواد الراعي اهذا هو اسمه، لا، لا اعرفه فقط كنت قد نسيت الكتاب في الحافلة فأعاده الي" ، " الحافلة نعم نعم لقد سمعت انه متواضع كذلك و غير متفاخر ، اتعلمين انه يصمم مشاريع منذ السنة الثانيه انه عبقري" قالتها مروه بلهجة جاده ، فقلت و انا اريد ان اغير الموضوع" هذا على اساس انك لا تركبين الحافلات يا مروة ، بربك" و  انطلقنا نضحك و انصرفنا الى المحاضرة الأخيرة.

عندما عدت الي البيت كنت اريد ان اذهب لأبي و اخبره اني رأيت جواد في الكلية و لكني ام ادرِ اسيذكره ام لا هو بالطبع يذكر مصطفى ، فمصطفى يحب ابي حقا و لقد زاره اكثر من مره في مرضه ،و لكن جواد لا اعلم ان كان مازال يذكره و حتى ان كان يذكره ماذا سأقول لأبي اقول له انني رأيت شخصا كنت قد رايته من قبل مره واحدة، تراجعت عن الفكرة و لكني على الاقل اصبحت اعرف اسمه جواد الراعي هكذا اسم لا يتشاركه الكثيرون ، قد استطيع ان اعرف مدى عبقريته تلك التي يتحدثون عنها .

مرت عدة ايام و قد عرفت ان جواد بالفعل مشهور في الكلية و كذلك فهو محبوب من الطلاب و الساتذة و لكنه ليس له اي نشاط طلابي فلم ينتمِ الى اتحاد الطلبة مثلا على الرغم من انه كان لينجح بسهولة او هذا ما قيل لي. و في احد الايام جائت مروة تقول لي " انه ليس عبقريا فقط و لكنه ثوري كذلك " نظرت لها كي تفسر ، قالت " جواد انسيته " كنت اريد ان اقل لها نني لم انسه منذ عشر سنوات و لكني قلت " و كيف هذا يا نشرة الأخبار" قالت بين ابتسامتها " انه ينظم مسيرة للتنديد بالاحتلال السرائيلي مساندة للإنتفاضة الثانيه يحث على المقاطعه و يقول ان الانتفاضة لن تخبو " في تلك اللحظة شعرت بفخر عميق تجاه جواد و لكني تمالكتُ نفسي و قلت لها " جيد و لكن لماذا تقولين لي هذا" قالت " لا ادري فقط احسست انك قد تهتمين لأخباره" و ذهبت مروه و تركتني و انا يدور بعقلي سؤال واحد هل هذا واضح الى هذا الحد !؟.

  مرت خمس سنوات حدثت بها احداث عديده بعضها جيد و بعضها سيئ ، و لكن من اجمل ما حدث في تلك السنوات كانت خطبة مروة و نستطيع ان نطلق على هذا الحدث يد القدر بكل ثقة ، مرض ابي مرضا شديدا و انا في السنه الثالثة و قد كنت في حالة يرثى لها و لم تتكرني مروة و كانت توصلني للمستشفى كل يوم ثم الى المنزل و في احدى المرات كان مصطفى يزور ابي في المستشفى و حينها رأى مروة معي و كانت تلك هي البداية ، يقولون ان الارواح تتلاقى هذا حقيقي فعلا فإن للأنفس ازواج و عندما تقابل كل نفس زوجها تعرفه يقينا يقينا، و كان تعليقي على هذا الحدث ان مصائب قوم عند قوم فوائد كنت اقولها دائما لمروة عندما نتذكر اول لقاء بينهم و الارتباك الذي كانا فيه فانا لم ار في حياتي مروه و مصطفى في هذا الارتباك فمروة مثل مصطفى من النوع المرح المقبل على الحياة بقوة ، و قد قلت لنفسي ان هذا المرض على الاقل لم يكن شرا خالصا . كان الاحتفال بخروج ابي هو حفلة الخطوبة كنت اتوقع ان ارى جواد في تلك الحفلة و لكنه لم بأتِ و لكني سمعت ابي يحادث مصطفى و يقول له " و لكن اين هو صديقك العبقري لا اذكر اسمه " قال مصطفى " يا ربي امازلت تذكر جواد " فرد ابي " بالطبع فهو الشخص الوحيد الذي لم استطع قراءته" فرد مصطفى بين ضحكاته " ان العبقري في بعثة خارج البلاد لم يستطع الحضور و لكنه بارك لي ، لم كنت اتمنى ان يكون هنا فجواد بمثابة الاخ لي"
و كذا مرت السنوات قد تقدم لخطبتي طبيب و محامي على ما اذكر و لكني لم اشعر ان ايهم هو النصف الآخر لروحي و كانت حجتي انني اريد ان انهي دراستي اولا او اعمل و اثبت كياني و اشياء من هذا القبيل ،و لقد تخصصت مدني و ليس ميكانيكا اذا كنت تتساءلون و عملت في عدة مشاريع بعد التخرج صغيره فمتوسطة و بعد سنتين من التخرج جائت فرصتي الكبرى حينما بدأت العمل في مشروع مصنع كنت قد قارب على اتمام عامي الخامس و العشرين و كانت امي تتحدث في موضوع الخطبة و الزواج بشكل مستمر و خاصة بعد زواج مروة و لكني كنت اهتم بمشروع المصنع ذلك و أوليه اعلى تركيز و اهتمام ، كانت تعمل معي في هذا المشروع احدى زميلاتي كانت معمارية تكبرني بعامين و من خلالها دخلت المشروع و عندما جائت مرحلة التنفيذ و كنت في الموقع قدمني مشرف المشروع مسؤول الميكانيكا في المشروع و قال " اقدم لكي جواد الراعي مسؤول الفرع الميكانيكي سوف تعملون سويا لإنجاز المشروع اتمنى لكما التوفيق"
يتبع :) 

2 comments:

  1. Well, I'll review in English too if you don't mind :) Well, there's that line that literally took my breath away "شعرت ان بين النداء و استجابتي اعوام بل عقود " just the way you put it, wow! And what a fate the both of the have!! Well continue now :D I'm having so much fun here <3333

    ReplyDelete
  2. well i dont mind at all :) review in hindi if u want LOL
    and thaaanks glad u liked it :D <33333

    ReplyDelete